" بسم الله الرحمن الرحيم"
للمرة الأولى أجد نفسي مدفوعة للكتابة بهذا الشكل عن شيء يخصني وحدي.....
ولكني قررت أن أفعل هذا .. على أمل أن تكون قصتي عبرة للجميع..
فقد كنت فتاة تحب الحياة وتوليها جل إهتمامها.. لم أكن أفكر في الموت مطلقا ..
وظننت أنه سيظل طريقه إلي ردحا طويلا من الزمن ..
كنت جميلة .. محبوبة .. مرحة ..منطلقة في الحياة..
لم تكن همومي تتجاوز تفكيري في التميز في كل شيء..وهذا ماتحقق لي زمنا..
كنت محط رغبة الكثيرين .. ولكني إخترت أفضلهم..
كان الأول في كل شيء ..تعليمه وسامته رجولته خلقه..تميزه كان بلا حدود..
وكان يعمل ظابطا عسكريا برتبة ملازم أول..
بعد زواجنا ..كانت علاقتنا محط غيرة وحسد الجميع..
أحببنا بعضنا بشكل لايوصف ..فلا سعادة لأحدنا بدون الأخر ..لانفترق إلا نادرا
ويكون ذالك غالبا يوم الإربعاء من السادسة مساء حتي الثانية عشر ليلا ..يذهب لأصدقاءه وأذهب لأهلي ..يحادثني حتي وهو في مكتبه في العمل ..
حدثت لنا بعض المشكلات وكان سببها الوحيد غيرته الشديدة علي من كل شئ
أهلي ,,إخوتي,,أخواتي ,,ملابسي,,مكياجي ,,حتي وصل به الأمر أن يجبرني
علي لبس الجلابيات حتي عند أهلي ..لم تكن لي علاقات خارج حدود عائلتي
وعائلته أبدا..لاجارات ولاصديقات ولازيارات إلا ماندر جدا..
أوقعنا ذالك كله في مشكلة وموقف ..لاأري داعيا لذكره هنا ..وقد لاأستطيع
ذالك..لكنه ..كان سببا في معرفة مدى حب أحدنا للأخر وعدم قدرته على
التخلي والبعد عنه وأنا كلانا خلق للأخر فقط ..
وهذا ماأثبته لي وللجميع..
عاد الوضع أو إستمر على هذا المنوال سعادة وحب وتضحية وتفاني وإخلاص
حتى تلك الليلة ..سهرنا كالمعتاد حتى الثالثة ..حدثني عن حبه لي ورغبته في إسعادي وضمان مستقبلي أنا وطفله وأنه لاراحة له قبل ذالك ..
تحدثنا ولاأدري لماذا عن الوفاء بين الزوجين حتي بعد الموت ..وأخبرني ..
أن الحب لاحدود له وأن سعادته وكماله في جنات النعيم ..حيث لاإنقطاع
ولا فرقه ولامشاكل ولاتعب ونصب ..
ظننت لوهله أن وفاة والده قبل عدة أشهر ..كانت دافع هذا الحديث ..
غفوت ليلتها لأستيقظ بعد ساعة علي صوته وهو يقول لي (قومي صلي الله
يجزاك خير علشان تكونين زوجتي في الدنيا والأخرة)..
كان واقفا علي الباب مرتديا بدلته العسكرية أكاد أرى ملامحه الدافئه
العذبة..تشق الظلام.. ونظراته الحنونه تنطرح بكل صدقها علي ..
وابتسامته البريئة تزين محياه..
ودعني علي أمل أن يعود لي ظهرا وهو يحمل بين يديه علبة *الفيمتو*
التي أحب ..
لكنه ماعاد ومارأيته بعدها سوى في أحلامي ..
نعم ..فقد سقط صباحا بين يدي ربه ..وعلي مرأى من الجميع وهو ينازع
سكرات الموت دون سبب واضح غير إنتهاء أجله ..
سكته قلبية أنهت كل شيء..دون إستأذان..أو إنذار..في بداية هذا العام..
لم يكن مريضا ولا مدخنا.. لم يتجاوز الواحدة والثلاثين من عمره ..
لكنه (الموت) نعم (الموت) بكل قوته وجبروته..
لاراد له ..ولارحمة في قلبه ..ولامجال لتفاوض معه..
نعم ..تلك الليلة ..نمت وأنا أمتلك أجمل حياة ..بيت واسع ..سيارة أخر
موديل ..زوج متيم ومحب ..حياة هانئة ..
ولكني إستيقظت على زوالها كلها في طرفة عين ..لأبقى وحيدة ..مذهولة..
لاحول لي ولا قوة ..
أصبحت ..أرملة ..في السابع والعشرين من عمرها ..في يدها طفل وفي
أحشاءها طفل أخر ..
مررت بكرب لايعلم به إلا الله .. ولكني فررت منه إليه ..وكان بي رحيما
(وعسى أن تكرهو ا شيء وهو خير لكم )..
تغيرت حالي وأصبحت من أكثر الناس إحتقارا للدنيا ..واكثرهم طمعا فيما
عند الله ..أعطتني الدنيا كف لاينسى .. ولكنه كان في وقته ..صحوت من
غفلتي وتوجهة الي ربي بالدعاء عسى أن يتجاوز عنه وعني ويسكنه فسيح
جناته بكرمه ورحمته وأن لايكلنا علي أعمالنا ولاعلى أنفسنا طرفة عين ..
تذكرت قولة تعالى (وحيل بينهم وبين مايشتهون)..وأنا أفكر في أمره وأمري..
وتأكدت أنه لكل أمر إذا ماتم نقصان..
فربنا عز وجل خالقنا منشأنا من العدم يقول لنا (ولقد خلقنا الإنسان في كبد)..
فلماذا نشقي أنفسنا ونتعبها في البحث عن السعادة بعيدا عنه ..
فوالله لن تجدو ا طعما للراحة والسكينة والطمأنينة إلا بين يديه ..وتحت
رحمته.. والله ماهدأت نفسي إلا بكتابه وماتقر عيني إلا بلقاءه ولايهنىء لي
عيش بعيدا عنه ..فالباحث عن القرار في غير خير دار .. كالباحث عن قطعة
ثلج في تنور نار .. فلا تلهكم الدنيا عن أنفسكم .. وقدموا لها قبل أن تقدم لكم ..وأكرموها قبل أن تهينكم ..إظفروا برضى الله وأتركو ا كل شيء
خلفكم قبل أن يترككم خلفه..تذكروا أن الدنيا بكل مافيها من ملهيات ومفاتن
وبكل ماتتقطع أنفسنا من الجري خلفه من مغريات..
[ لاتساوي عند الله جناح باعوضة]؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
وإلا ماسقى فيها كافرا جرعة ماء؟؟!!!!!!!!
وعلي ذالك قس هذه هي الدنيا التي لاتساوي شيء..فماذا يكون الذي
أعده الله للعباده من العذاب والنعيم..
فعلا حينها ستقول :مالا عين رأت ولاأذن سمعت ولاخطر في قلب وعقل بشر..
نسأل الله من فضله ونسأله العفو والعافية..
فلنكن جميعا من أصحاب الهمم العالية والرغائب الثمينة..ولانبع سعادة
الخلد يشقاء زائل ولو ظنناه سعادة..
أنيروا بيوتكم المنتظرة بقراءة القران وافرشوها بالروح والريحان ..وأزهدوا في بيوت لن يكون لكم منها إلي إنطفاء نورها وزوال سرورها..
أخيرا أحبتي أسأل الله أن ينفعكم بهذا ..وأن يفتح علي قلوبكم ..وأن يثبتكم
ويثبتني علي طاعته..وأن يجعل همي وهمكم نصرة دينه ..والذود عن حماه
بالروح والدم والمال والولد..إنه علي ذالك قدير وبالإجابة جدير..
وأسألكم الدعاء لزوجي بالرحمة والمغفرة .. وأن يوسع الله و ينير له في قبره..
ويؤنس وحشته ..ويفك كربته ..ويجمعني به في جناة النعيم .. وأن يجعله زوجي
في الدنيا والأخرة وأن يجعل مصيبتي فيه كفارة لجميع ماتقدم من ذنبي ..
وأن يعيننا علي الموت وسكراته وكربه بحوله وقوته..
أختكم:-
الوافية لأغلى غياب"
الكف الأول
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق